معرفة الإمام الحسين عليه السلام .

إن الإمام المعصوم هو قطب الرحى في عالم الوجود بعد النبي صلى الله عليه و آله و سلم ، و المسلمون مكلفون بتوليه و السير على نهجه و الائتمار بأمره ؛ كما ذكرت آية الولاية : ( إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنو الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون) .

و متابعة الإمام تقتضي معرفته ، من هنا كان الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : "من مات و لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية" ، لأن الذي لم يعرف إمامه سيضيع عن الحق ففي الدعاء : (اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني) ، وهذا ما يشير إليه الحديث النبوي : "أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجى و من تخلف عنها غرق و هوى" .

لأجل ذلك كان تنصيب الإمام جعل إلهي بالنص لا علاقة للبشر في إختياره بالإنتخاب أو الشورى ؛ فهم عليهم السلام معروفين بالنص إمام بعد إمام حتى الثاني عشر منهم ، الإمام محمد بن الحسن المهدي عجل الله فرجه الشريف .

ولذا علينا ونحن في هذه الأيام الحسينية التوجه نحو تحصيل معرفة الإمام الحسين عليه السلام والتي يمكن عرضها من جهتين ، معرفة من الجانب التاريخي و هذا مهم ، و الأهم هو المعرفة من الجانب العقدي اي معرفة المقامات الحسينية العظيمة التي أختصه الله بها ، قال رسول الله صلى الله عليه و آله : "إن الحسين بن علي في السماوات أعظم مما هو في الأرض و اسمه مكتوب عن يمين العرش إن الحسين مصباح الهدى و سفينة النجاة" .

ومن أهمية المعرفة الحسينية ما جاء عن الإمام الكاظم عليه السلام : "أدنى ما يثاب به زائر الحسين عليه السلام بشط الفرات إذا عرف بحقه و حرمته و ولايته أن يغفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر" لقد أشترط الإمام الكاظم في الرواية للحصول على ثواب الزيارة أن يكون الزائر عارفا بحق و حرمة و ولاية الإمام الحسين عليه السلام فشرط الثواب هوىالمعرفة ! و الروايات بهذا المعنى كثيرة عن الأئمة عليهم السلام فبقدر معرفتنا بالحسين تكون تلبيتنا أصدق و عبرتنا على مصابه أسرع و أجر زيارتنا له أرفع ... ؛ كما في الحديث عن الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله و سلم إن زيارة الحسين تعدل حجة و عمرة ثم ضاعف حتى يصل إلى الف حجة و عمرة إن هذا التفاوت هو بقدر المعرفة بالحسين فمن كانت معرفته الحسينية بمقدار معين كان ثوابه بقدر تلك المعرفة ؛ و هذا ما يوجه به علمائنا الأجلاء هذا الحديث .

وهذه الأيام العاشورائية فرصة للبحث و المطالعة في المقامات الحسينية و سيرته العظمى ؛ خصوصا الشباب الذين يملكون أدوات البحث العلمي و المعرفي من خلال ما أكتسبوه في دراستهم الأكاديمية فعلينا توظيف هذه المعرفة و القدرة في الجانب الحسيني .

كما إننا إذا أردنا ان نفهم النهضة الحسينية بأبعادها المختلفة ليس لنا سبيل لذلك إلا بالمعرفة الحسينية من خلال المطالعة ؛ و لهذه المعرفة ثمرة كبرى هي معرفة الله عز و جل كما عن أمير المؤمنين عليه السلام : "نحن الأعراف الذي لا يعرف الله عز و جل إلا بسبيل معرفتنا" . بالتأكيد ليس لنا استطاعة لمعرفة الحسين عليه السلام حق معرفته فصاحب النقص لا يحيط بالكمال حتما .

ختاما ؛ جاء في زيارة الناحية المقدسة : "السلام عليك سلام عارف بحرمتك ، المخلص في ولايتك ، المتقرب إلى الله بمحبتك" ، فنلاحظ أن الإمام الحجة عجل الله فرجه قدم المعرفة على الولاية و المحبة ؛ وكأنه يشير إلى أن المعرفة هي مقدمة و مفتاح للولاية و المحبة ، "اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني".

 

#ويبقى_الحسين

محرم – 1436هـ

ماجد عبدالهادي الفردان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق